أعاد المقترح البرلماني الخاص بتعديل مواعيد العمل الرسمية لتبدأ من الخامسة صباحًا حتى الثانية عشرة ظهرًا الجدل حول قدرة المجتمع المصري على استيعاب تغيير جذري في إيقاع حياته اليومية. وبين مؤيد يرى أن القرار قد يفتح الباب أمام نهضة إنتاجية جديدة، ومعارض يتخوف من تداعياته الاجتماعية والاقتصادية، يظل السؤال: هل الشعب جاهز؟.
إنتاجية في الميزان
المؤيدون يعتبرون أن ساعات الفجر هي ذروة النشاط العقلي والجسدي، وأن الاستيقاظ المبكر سيوفر طاقة أكبر للعمل، ويمنح الموظف وقتًا أوسع بعد الظهر لإدارة شؤونه الأسرية والشخصية. بل إن بعض الدراسات العالمية تؤكد أن المجتمعات التي تبدأ نشاطها مبكرًا أكثر التزامًا وإنتاجًا.
لكن الواقع المصري مختلف؛ فثقافة السهر المتأصلة، إلى جانب اعتماد الاقتصاد الشعبي على النشاط الليلي، قد يجعل من الصعب الانتقال السريع إلى هذا النمط دون تكلفة اجتماعية باهظة.
الأسر بين مطرقة العمل وسندان المدارس
التغيير المقترح يضع الأسر، خصوصًا الأمهات العاملات، أمام معضلة حقيقية: كيف يمكن التوفيق بين دوام يبدأ في الخامسة فجراً ومواعيد مدارس تبدأ في السابعة أو الثامنة؟ هذا التضارب قد يخلق فجوة زمنية في رعاية الأبناء، ويزيد من الأعباء الملقاة على كاهل الأسر، خاصة في المدن الكبرى.
مواصلات غائبة وصحة مهددة
لا يمكن إغفال أن وسائل النقل العام لا تعمل بكثافة في ساعات الفجر الأولى، ما قد يضاعف من التكاليف ويزيد من معاناة العمال محدودي الدخل. أما من الناحية الصحية، فإن قلة النوم أو عدم التكيف مع الإيقاع الجديد قد تؤدي إلى إرهاق مزمن واضطرابات نوم، وهو ما ينعكس في النهاية على الأداء الوظيفي نفسه.
ريف وحضر.
اختلاف التأثير
قد يكون القرار أسهل تقبلاً في القرى والمناطق الريفية، حيث يبدأ الفلاح يومه بطبيعته مع شروق الشمس. لكن في المدن، حيث يعتمد ملايين المصريين على أسواق ومقاهٍ ومطاعم تستمر حتى منتصف الليل، سيكون التغيير صعبًا، بل وربما يصطدم بثقافة اجتماعية راسخة.
الخلاصة
القرار – إذا طُبّق – لن يكون مجرد تغيير في ساعة العمل، بل هو محاولة لإعادة تشكيل ثقافة شعب بأكمله. نجاحه مرهون بخطة تدريجية شاملة، تشمل تعديل مواعيد المدارس والجامعات، وتطوير خدمات النقل، وتقديم حملات توعية تساعد الناس على التكيف.
بدون هذه الترتيبات، قد يتحول الطموح إلى ارتباك، ويجد الشعب نفسه أمام معادلة صعبة: إنتاجية منقوصة وحياة اجتماعية مضطربة.