لم تكن المرأة يوما وسيلة ولم تخلق انوثتها لتكون اداة للربح فلم اختزل جمال المرأة اليوم الي سلعة للعبور نحو الحلم ؟!.
هل الغاية احيانا تبرر الوسيلة؟!، ولكن كيف يمكن لغاية نبيلة ان تبني علي وسيلة تفتقر الي النبل ؟!، المستقبل.. ذاك الحلم الذي لطالما طاردته المرأة مدفوعة بشغفهامحملة بكل ماتملك من اسلحة الامل والارادة، تبنيه حجرا فوق حجروتصب عليه من روحها.
لتجد نفسها فجأة واقفة علي الحافة امام مفترق طرق: طريق طويل شاق يتطلب صبرا وعزيمة لا تلين وطريق قصير سلس نتائجه شبه مضمونة.
وعليها الاختيار.. لكن الخيار هنا لا يشبه لعبة صح وخطأ ولا معادلة بين مكسب وخسارة، أنه أشبه باختبار عميق للنفس البشرية يضع المرأة امام نفسها عارية بكل ما تحمل من صراعات وتناقضات ومبادئ فهو يشبه السير في صحراء شاسعة، وفي منتصفها تجد المرأة سرابا يشبه الواحة.. يخدع العين، ويروي العطش لحظات، لكنه يترك الروح خاوية.
وبالمقابل هناك بئر ماء حقيقي، بعيد، محفوف بالصخور والشوك .. لكن حين تصل اليه يمنحك الحياة.
تلك هي المعركة الحقيقية، أن قوة المرأة لا تكمن فقط في الرفض بل في توقيت وكيفية الرفض، كل امرأة تعرف قول “لا” لكن المرأة القوية وحدها من تعرف حقيقة “متي تقول لا”، وكيف تقولها ؟!، قوة الرفض ليست في صوته، بل في وعيه في بصيرة لا تنخدع وكرامة لا تساوم.
ولكن ما اثقل هذا الحمل في مجتمع تتسارع فيه المصالح وتشوه فيه المفاهيم وتزيف الحقائق وتتسرب الي بواطن العقول كافعي تلتف بثوب من حرير فتغوي البصر بجمالها بينما يختبئ السم في انيابها فتصبح الحافة اكثر ضيقا والرياح اقوي والقرار أصعب.
فتكون الكلمة الاخيرة الي بوصلة الروح ولب الكيان فبصلة الروح لا تخطئ طريقها أبدا مهما تعددت هفواتها ستصل في النهاية الي طريقها الصحيح ويظهر جوهر قوتها الحقيقية وتسير وهي تعرف أن قيمتها لا يحددها الاخرون بل تنبع من تقديرها لذاتها وتؤمن ان الصبر ليس ضعفا او وصمة استسلام وأن التمسك بالكرامة ليس خسارة بل انتصار مؤجل، وأنها هي من تصنع الطريق بكرامتها وكدها وشموخها.
فعلي الحافة تتضح الحقيقة في ان ما تصونه المراة في داخلها اثمن بكثير مما قد تكتسبه سريعا فالسراب قد يلمع لكنه سيظل ملطخ بالمهانة اما البئر الحقيقي فهو بعيد لكنه يمنح ارتواء لا ينتهي.
أن أعظم انتصارات المرأة تولد حين تختار بكامل ارادتها ان تكون وفية لجوهرها حتي وأن بدا الطريق اقسي فالسراب قد يخدع البصر ولكن قد تكشفه البصيرة فورا، والبئر البعيد مهما تعثرت الخطوات اليه يظل وحده وعدا بالحياة الحقيقية.
