صرّح علاء الشيخ، رئيس قطاع المبيعات بشركة The Leaders للتطوير العقاري، بأن السوق العقاري المصري يشهد حاليًا تحولًا نوعيًا يعكس مرحلة “إعادة التوازن” بين فئات الطلب وأساليب التسعير، موضحًا أن الفترة المقبلة ستشهد تركّز المطورين في شريحتين أساسيتين: الإسكان المتوسط والعقارات الفاخرة جدًا، باعتبارهما الأكثر استقرارًا وقدرة على تحفيز حركة البيع في ظل المعطيات الاقتصادية الحالية.
وأكد الشيخ أن هذا التوجه لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لما شهده السوق خلال العامين الماضيين من تقلبات سعرية حادة دفعت بعض المطورين إلى المبالغة في التسعير، ثم محاولة تصحيح تلك الموجة لاحقًا عبر عروض سداد غير واقعية أضرت بتوازن السوق وخلقت صورة غير واضحة لهيكل الأسعار.
وأضاف الشيخ أن هناك فئة أخرى من المطورين تعاملت بذكاء مع الظروف، إذ ركزت على خلق قيمة مضافة حقيقية داخل مشروعاتها، سواء من خلال التصميم، أو الخدمات، أو جودة التنفيذ، ما ساعدها على تحقيق مبيعات مستقرة ومبررة بالسعر المطروح.
وأشار الشيخ إلى أن السوق يشهد في المرحلة الحالية عملية فرز طبيعية للمطورين، حيث اتجه البعض إلى تصحيح الأسعار في مراحل جديدة من مشروعاتهم، بما يتناسب مع التكاليف الفعلية وقدرة الشراء الحقيقية للعملاء. وقال: “العميل المصري اليوم أصبح أكثر وعيًا من أي وقت مضى، فهو يدرس السوق جيدًا قبل اتخاذ قرار الشراء، ويستطيع أن يميّز بين المطور الذي يبالغ في التسعير والمطور الذي يقدّم منتجًا واقعيًا متوازنًا مع الوضع الراهن.”
وأوضح الشيخ أن المشكلة الحقيقية ليست في حجم الطلب، بل في قدرة الشرائح المختلفة على الشراء (Affordability)، وهي النقطة التي أصبحت محور تركيز المطورين الجادين، حيث بدأوا يوازنون بين التكلفة الفعلية والمستوى السعري الذي يمكن للسوق استيعابه دون تضخم أو تباطؤ في المبيعات.
وكشف الشيخ أن التقارير والدراسات السوقية الحديثة تشير إلى أن الفترة القادمة ستتبلور حول سوقين رئيسيين:
• الأول: سوق العقارات الفاخرة جدًا، خاصة في المناطق الساحلية مثل البحر الأحمر ومدينة رأس الحكمة، حيث تتركز الشركات التي تمتلك قاعدة عملاء دولية وإقليمية قوية، مثل إعمار وغيرها من الكيانات ذات الثقل الاستثماري.
• الثاني: سوق الإسكان المتوسط، الذي يمثل مركز الثقل الحقيقي في السوق المصري خلال العام المقبل، مع تزايد الإقبال على المشروعات الواقعة في شرق وغرب القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة، والتي تُطرح بأسعار عادلة تستهدف استيعاب الطبقة المتوسطة الباحثة عن حلول سكنية واقعية ومستدامة.
وذكر الشيخ أن موجة التصحيح الحالية تعد مؤشرًا صحيًا للغاية، لأنها تمهد لتوسيع قاعدة الطلب وتنويع الشرائح المستهدفة، مؤكدًا أن السوق المصري يمتلك مقومات قوية تؤهله لاستيعاب هذه المرحلة بنجاح، شريطة أن تظل السياسات التسعيرية واقعية وأن يواصل المطورون التكيّف مع متغيرات السوق دون مبالغة أو اندفاع.
واختتم الشيخ بالتأكيد علي أن ما نشهده اليوم ليس تراجعًا، بل إعادة تشكيل ذكية لخريطة السوق العقاري المصري، تُعيد توزيع الطلب، وتخلق بيئة أكثر نضجًا واستدامة، تعود بالنفع على المطورين والعملاء والدولة على حدٍ سواء