📅
الخميس
23 أكتوبر 2025
🕒 07:24 PM

NE

News Elementor

رانيا أحمد تكتب: مصر دولة بمقام قارة

محتوي الخبر

في عالمٍ تحكمه التكتلات، نادرًا ما نرى مشهدًا كهذا، قارة أوروبا بأكملها تجلس على طاولة واحدة مع دولة واحدة فقط، لكن حين تكون هذه الدولة هي مصر، يصبح المشهد طبيعيًا، بل مستحقًا.

ففي مارس الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن ترقية علاقته مع مصر إلى “شراكة استراتيجية وشاملة”، وهي خطوة لا يمنحها الاتحاد إلا لعدد محدود جدًا من الدول خارج القارة.


وبهذا الإعلان، لم تعد القاهرة بالنسبة لبروكسل مجرد شريكٍ من دول الجنوب، بل أصبحت ركيزة استقرار سياسي واقتصادي لا يمكن الاستغناء عنها في أي معادلة تخص الشرق الأوسط أو إفريقيا أو حتى أمن أوروبا نفسها.

إن اللقاء بين مصر والاتحاد الأوروبي لا يُمكن وصفه بلغة “المانح والمتلقي”، بل هو حوار بين قوتين عالميتين، أوروبا التي تبحث عن الاستقرار في جوارها الجنوبي، والتي تعرف تماما أن مفتاح هذا الاستقرار في يد القاهرة.


فبغير الدور المصري، لا يمكن ضبط تدفقات الهجرة في المتوسط، ولا يمكن ان يتم تأمين خطوط الغاز والطاقة، ولا مواجهة التهديدات الأمنية التي تعصف بالمنطقة.

فعندما تنظر مصر إلى أوروبا باعتبارها شريكًا اقتصاديًا رئيسيًا، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين نحو 32 مليار يورو في عام 2023 بحسب تصريحات رسمية، إضافة إلى استثمارات أوروبية ضخمة في مجالات الطاقة الخضراء، المياه، والنقل.


كما تشهد المرحلة المقبلة تعاونًا متناميًا في البحث العلمي والتعليم، مع انضمام مصر إلى برنامج Horizon Europe الأوروبي، بما يتيح للعلماء والجامعات المصرية المشاركة في أبحاث مشتركة وتمويلات دولية.

ربما لا تحتاج مصر إلى اتحادات أو تحالفات كي تفرض حضورها، فهي تمتلك من الرصيد التاريخي ما يجعلها دولة تُحاوَر لا تُدار، وتُستشار لا تُوجَّه.


ومن هنا، يأتي إدراك الأوروبيين أن الحديث مع مصر ليس شأنًا دبلوماسيًا عابرًا، بل ضرورة استراتيجية تمس أمن القارة ومصالحها المباشرة.

فلقد أثبتت مصر خلال السنوات الأخيرة أنها قادرة على لعب أدوار الوسيط وصانع التوازن، سواء في وقف التصعيدات العسكرية بالمنطقة، أو في دعم مسارات التنمية والاستقرار في إفريقيا، لتصبح فعليا هي القلب النابض لجنوب المتوسط، والعنصر الذي يربط أمن أوروبا بأمن إفريقيا والعالم العربي.

ولذلك حتى نجزم الأمر فيمكننا القول انه حين تجلس أوروبا بكاملها أمام مصر، فذلك لا يعني أن القارة العجوز تتفضل بالجلوس إلى دولة نامية، بل يعني أنها تعترف ضمنيًا بأن هذه الدولة بتاريخها، وموقعها، واستقرارها، قارة قائمة بذاتها، قادرة على أن تُسمِع صوتها، وتفرض حضورها، وتعيد رسم خرائط النفوذ في زمنٍ تتغير فيه الموازين كل يوم.

“نيوز مصر” هو موقع إخباري مصري مستقل، يسعى إلى تقديم تغطية شاملة ومهنية لأهم الأخبار المحلية والعالمية، بمنظور مصري يعكس نبض الشارع واحتياجات المواطن.

تواصل معنا ..

تم تصميمه و تطويره بواسطة
www.enogeek.com
حقوق النشر محفوظة لـ نيوز مصر © 2025