📅
الأربعاء
05 نوفمبر 2025
🕒 07:59 AM

NE

News Elementor

رفعت فياض يكتب: يوم بلا شاشات!

محتوي الخبر

هل يمكن أن نتخيل يومًا كاملًا بلا «فيسبوك»، بلا «تيك توك»، بلا «سناب شات»، بلا «إعجابات» ولا «مشاركات» ولا «إشعارات» تلاحقنا كل دقيقة؟ هل نستطيع أن نبتعد يومًا عن السباق المحموم وراء «اللايك» و«الشير» ونستعيد حياتنا كما هى ببساطتها ودفئها وصدقها؟.

هذا هو التحدى الذى طرحته وما زالت تطرحه مبادرة «معًا يوم بلا شاشات»، تحت قيادة الدكتورة منى الحديدى، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وعضو المجلس الأعلى للثقافة 00 دعوة لأن نمنح أنفسنا استراحة قصيرة من العالم الافتراضى، لنعود إلى التواصل الحقيقى مع الأسرة والأصدقاء، ونستثمر وقتنا فى أنشطة واقعية تعيد إلينا طاقة الحياة بعيدًا عن ضجيج التطبيقات والشاشات.
المبادرة هى نشاط وجهد جماعى لعدد من أساتذة الإعلام والخبراء الإعلاميين. وتستند إلى جهود توعوية واسعة تشمل المدارس والجامعات، إضافة إلى برنامج متكامل من الندوات والأنشطة الترويجية الترفيهية والثقافية والرياضية والفنية، بما يعيد أبناءنا إلى أجواء اللقاءات المباشرة والأنشطة الفكرية والإبداعية المتنوعة.
الهدف أن نعيد إحياء عادات مثل قراءة الكتب، ممارسة الفنون والموسيقى، واستثمار الوقت فى أنشطة مفيدة تردنا مرة أخرى إلى العالم الواقعى بجمالياته وطاقاته الحقيقية.
والحقيقة أن الأمر جد خطير، ففى العام الماضى إعتمد قاموس إكسفورد مصطلح «تعفن الدماغ» Brain Rot عام 2024 وهو تعبير عن الحالة المزرية التى يصل لها الإنسان جراء الاستخدام المحموم والمشاهدة المستمرة لمقاطع الفيديو القصيرة المعروفة بالريلز Reels.
ويمكن اعتبار هذه المبادرة أيضًا صرخة احتجاج على المحتوى غير المقبول الذى يتم نشره عبر تلك التطبيقات وخاصة تطبيقات التواصل الاجتماعى وما يقدمه المؤثرون Influencers من محتوى لا أخلاقى أو تافه، وهو ما انتبهت إليه الدولة مؤخرًا وبدأت فى إلقاء القبض على عدد كبير منهم، ورأينا كيف كان المستوى، وكيف كانت الأغراض، وكيف النتيجة.
والخطير فى هذه القضية أيضًا تكشفه الدراسات الحديثة التى أكدت أن الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعى يترك أثرًا مباشرًا على الصحة النفسية للشباب، حيث يزيد من معدلات القلق والاكتئاب، ويقلل من التركيز وجودة النوم. كما أن الأطفال والمراهقين يقضون ساعات طويلة مع تلك المواقع والمنصات على حساب الرياضة والهوايات وحتى الجلسات العائلية.
من هنا تأتى أهمية أن يكون هناك يوم فى السنة نتفق فيه جميعًا على ترك هذه المواقع جانبًا، والعودة إلى ممارسة أنشطة حياتية طبيعية مثل القراءة والتنزه واللعب، أو مجرد محادثة وجهًا لوجه.
هذه الفكرة ليست جديدة على العالم، فقد سبقتنا إليها دول عدة أطلقت مبادرات مشابهة. ففى الولايات المتحدة وكندا ظهرت مبادرة «Disconnect to Connect» التى تشجع الأسر والأفراد على إغلاق الأجهزة ليوم واحد واستثمار الوقت فى التواصل الحقيقى.
وفى فرنسا خصصت بعض المدارس أيامًا بلا هواتف محمولة لإعادة الانتباه إلى أهمية التفاعل المباشر بين الطلاب.
أما فى الهند فقد أطلقت منظمات أهلية حملات تحت عنوان «Digital Detox Day» للحد من الإدمان الرقمى وتعزيز الوعى بخطورة الاستخدام المفرط للشاشات.
وفى السويد، برزت تجربة رائدة عبر ما يُعرف بـ «Screen-Free Week» التى تبنتها بعض المؤسسات التعليمية والثقافية، حيث يتم تنظيم أنشطة بديلة للأطفال والعائلات من قراءة ورياضة وفنون، بهدف تعزيز قيمة الوقت الحقيقى بعيدًا عن الأجهزة.
هذه التجارب مجتمعة أثبتت أن تخصيص يوم سنوى بلا شاشات ليس مجرد رمز، بل خطوة عملية لتذكير المجتمعات بضرورة التوازن بين العالم الرقمى والواقعى.
وهذه المبادرات تستهدف أيضًا الأسرة، التى يقع على عاتقها دور كبير فى تشجيع أبنائها على المشاركة، ليس فقط عبر التوجيه، وإنما عبر القدوة المباشرة. فوجود الأهل فى هذه المبادرة جنبًا إلى جنب مع أبنائهم يمنحها ثقلًا أكبر، ويجعلها تجربة أسرية ممتدة الأثر.
وهنا يأتى دورنا جميعًا: شبابًا وأطفالًا وأسرًا، لنجعل من مبادرة «معًا يوم بلا شاشات» موعدًا سنويًا نلتزم به ونعيشه معًا.
دعونا نترك مواقع التواصل الاجتماعى ليوم واحد فقط، لنضىء قلوبنا بعلاقات أصدق، ونعيد اكتشاف متعة الحياة بعيدًا عن العالم الافتراضى. فلتكن دعوتنا صريحة: شاركونا هذه المبادرة، وكونوا جزءًا من تجربة جماعية تثبت أن الواقع أجمل دائمًا من الشاشة.
أعرف كمتخصص أن المبادرة لن تنجح مع الجميع، لا أعتقد أن الكثيرين سيكونون قادرين على البقاء بلا شاشات لمدة يوم كامل، فالبعض قد يصمد لسويعات قليلة، تمامًا مثلما ندرب الطفل على الصيام فلا ضير أن يقوم بالامتناع عن الطعام والشراب حتى موعد أذان الظهر ثم إلى العصر حتى يصل إلى صيام يوم كامل، ولذلك فإن كل منضم إلى المبادرة سيستطيع أن يتعرف على درجة إدمانه وقوة إرادته، وأيضًا سيتعرف على حياته بدون تلك الأجهزة، هل لديه حياه حقيقية أم سيحتاج إلى مراجعة نفسه، ومحاولة بناء حياة حقيقية بناءة وفاعلة، ثم بعد نجاحه فى تنفيذ يوم بلا شاشات نتمنى أن يعود إلى الاستخدام مرة أخرى بمنظور جديد أكثر وعيًا بالمخاطر وأكثر قدرة على التوازن بين الشاشات وعالمها الافتراضى وبين الحياة الطبيعية التى أنعم بها الله علينا وأعطاها لنا منذ لحظة الميلاد لنقدرها ونستفيد منها ونستمتع بها.
وإليك عزيزى المعترض أو المعتقد بعدم القدرة على الانضمام إلى المبادرة أقول لك ببساطة «جرب» فالتجربة خير دليل.. لن يفوتك الكثير عند الانضمام، ولكنك ستكسب الكثير وعلى رأس المكاسب «نفسك» التى بين جنبيك.

“نيوز مصر” هو موقع إخباري مصري مستقل، يسعى إلى تقديم تغطية شاملة ومهنية لأهم الأخبار المحلية والعالمية، بمنظور مصري يعكس نبض الشارع واحتياجات المواطن.

تواصل معنا ..

تم تصميمه و تطويره بواسطة
www.enogeek.com
حقوق النشر محفوظة لـ نيوز مصر © 2025