📅
الثلاثاء
23 ديسمبر 2025
🕒 01:16 ص

NE

News Elementor

إنجي بدوي تكتب: اعتناق الصهيونية لا يشترط أن تكون يهودياً

محتوي الخبر

لم تعد الصهيونية حكرًا على اليهود فقط ولا حبيسة الانتماء الديني، بل تحولت مذن قيام الدولة المزعومة “إسرائيل” 1948 إلى مشروع أيديولوجي قابل للتعلم والتدريب والتصدير حول العالم ايضاً، وبالأخص استهداف العرب سواء في داخل فلسطين المحتلة أو في تشكيل الوعي العربي من خلال استخدام الحرب الناعمة لا القوة العسكرية، بل من خلال برامج تدريبية وثقافية وإعلامية تهدف إلى إنتاج صهاينة عرب يتبنون الرواية الصهيونية ويدافعون عنها، دون أن يكونوا يهودًا أو منتمين دينياً لها، يسعى المشروع الصهيوني إلى أن يتحوّل إلى ما يشبه الفكر الناصري؛ مع اختلاف الفرق بينهم في المقام الأول ولكن التشبيه هنا بالانتشار، فكما وُجد ناصريون أكثر من جمال عبد الناصر نفسه، وانتشرت الناصرية خارج حدود مصر إلى مختلف دول العالم، يسعى المشروع الصهيوني إلى إنتاج نفس الفئة من مختلف الطوائف متجاوزون الإطار اليهودي.

بدء المشروع الصهيوني خلال مراحل مختلفة منظمة تدريجياً ولكن غير مُعلنة رسمياً، المرحلة الأولي بعد نكبة 1948 الهدف من المشروع ليس الانتماء بالمعنى الحرفي بل خلق تحالف سياسي مشترك لتكسير عظام القوي الفلسطينية الداخلية وكان أبرز مثال علي ذلك هم الدروز فـ منذ النكبة نشأ تحالف الدم بين ديفيد بن غوريون وزعماء الدروز حيث تطوعوا في جيش الاحتلال مقابل الحماية والأمان ومع التطور المستمر تم إنشاء وحدات عسكرية خاصة لهم، وهنا حقق المشروع الصهيوني مقولة “فرق تسد” فصل الدروز عن باقي فئات الشعب الفلسطينية.

وكانت المرحلة الثانية هي الأصعب بالنسبة للمشروع الصهيوني وهي التعريف بالصهيونية بشكل اعمق تحت عنوان “الصهيونية الديمقراطية” وتقديمها كمشروع سياسي وليس ديني علي عكس بدايتها “وكن قومي لليهود” ومن هنا انتشر أن تكون مواطن إسرائيلي من حقك اعتناق الصهيونية وليش شرط ان تكون يهودياً، بدء اندماج فلسطينيو الداخل المحتل في الكنيست، وسائل الإعلام، داخل الجيش، زمالات أكاديمية، وورش عمل عن السلام والتعايش، واستغل المشروع اتفاقية أوسلو وبدء الخطاب الناعم علنياً “الشالوم” بين اليهود والعرب، وكانت النتيجة بدء حزب العمال الإسرائيلي في دمج العرب داخل الحزب، انضمام أفراد محدودة من المسلمين والمسحيين داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي كـ تطوع ووحدات مساعدة، والتجنيد الإجباري للدروز داخل الجيش، هذه الفئات فرض عليها الجنسية الإسرائيلية وهنا لعب المشروع الصهيوني في الداخل المحتل علي الهوية .. بلدك إسرائيل قدم لها خدمات مقابل الامتيازات والمال هذه الادعاءات الكاذبة لعب بها المشروع لتنفيذ مخطط فلسطينو الداخل أصبحوا إسرائيليين صهاينة دون أن يكونوا يهود.

ومن ناحية أخري، بدأت المرحلة الثالثة بـ استهداف الوعي العربي، إسرائيل استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خبيث من الدرجة الأولى بعيداً عن الوحدات الخاصة بالعرب داخل الجيش الإسرائيلي، كان في جزء أخطر ظهور أشخاص تتحدث بالعربية مثل ايلا ويوسف حداد وغيرهم الموضوع ليس جديد علينا، لكن تقديمهم كمسلمة ومسيحية معتنقون الفكر الصهيوني والدفاع عن إسرائيل ليس جديد ايضاً، لكن استخدام آيات من القرآن وتبرير أعمال الإرهاب التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي كانت مستفزة لفئات كثيرة من العرب، لكن هناك قلة تأثرت وبدأت في الاندماج والتطبيع حتي من خلال التعليقات علي منشوراتهم، وهناك ايضاً جزء أخطر وهو توجيه الضربات لـ حركة حماس من خلال العرب علي مواقع التواصل الاجتماعي مستغلين بعض الاتهامات الزائفة للحركة ودمج الأكاذيب في الوعي العربي، ووقع الكثير ضحية هذه المؤامرة ليس شرطاً ان يكونوا صهاينة لكن هناك تأثرت علي فكرهم، وفي المقابل كان نسبة كبيرة من الفئات رافضة لتلك الادعاءات ولديها وعي قوي تجاه الأيديولوجية الصهيونية، وهنا كان التاريخ يعيد نفسه من فرق تسد بالمرحلة الأولي تفعلها إسرائيل الآن من أجل خدمة المشروع الصهيوني والتطبيع الشعبي معاهم، وهو من أهم اهدافهم التدريب علي تقبلهم داخل المجتمع العربي لكن قُبل بالفشل الكبير.

المرحلة الرابعة وهي الأخطر، الخلية الصهيونية الخبيثة حول العالم، بدء المشروع الصهيوني في إطلاق “صهيوني الوظيفة” بعد انتشار هذا الفكر في الداخل المحتل للعرب الفلسطينيين وبالفعل بدء مسلمين،مسحيين،دروز،بدو النقب في الاندماج بالمشروع الصهيوني والانضمام لورش عمل للتعايش والسلام، والكثير منهم داخل وحدات جيش الاحتلال، لدرجة مرعبة من الاندماج وصلت للزواج المدني هناك الكثير من المسلمين متزوجين من يهود من كلا الجنسين، يبدأ المشروع الخبيث في الانتشار حول العالم ونبدأ في سماع مصطلحات جديدة انا مسلم انا صهيوني، انا مسيحي انا صهيوني، ليس شرطاً ان يكون يهودياً او يحمل الجنسية الإسرائيلية، مثالاً منصور حسين لغاري، أمريكي من أصل باكستاني، يُعرف نفسه بأنه مسلم صهيوني، خلال زيارة له للقدس المحتلة ارتدي شارة تدعم المختطفون في غزة ودخل لاداء الصلاة في القدس، وأكد لوسائل إعلام عبرية انه يريد السلام مع إسرائيل.

ومن جانبه، تسعي المنظمات الداعمة لإسرائيل في تقديم ورش عمل وتدريبات للغير يهود علي زيارة إسرائيل، مكافحة معاداة السامية، تقبل الصهيونية والدفاع عنها، ولكن بشكل غير معلن تكون هذه التدريبات غير مُعلنة وبشكل سري حتي الآن.

ونري رحلة جامعية تجمع طلاب يهود وغير يهود لإسرائيل من جامعة جونز هوبكنز تابعين لـ مبادرة بناء الجسور لمؤسسة “مكابي تاسك فورس” لمكافحة معاداة السامية وكان من بين الطلاب مسيحيين وهنا نري دس السم في العسل، لان الطلاب المسيحيين تم تسليط الضوء عليهم خلال تلك الزيارة.

ولعبت المنظمة الصهيونية العالمية دور محوري في استقطاب شباب من جميع دول العالم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي إنشاءات برامج تدريبية علي القيادة الصهيونية وتدريب الشباب عليها والمعسكرات في جميع دول العالم، ولكن ظهرياً هي مقتصرة علي اليهود فقط، لا تستطيع تلك المنظمة او غيرها الإعلان الرسمي عن وجود مسلمين او مسيحيين او ديانات أخري في تلك التدريبات تحت عنوان التعايش بين الشعوب، لكن هذه المنظمات تقدم تبرعات غير مسبوقة لإسرائيل ومن خلال دعمها تنظيم مؤتمرات اقتصادية وبرامج الحوار بين الأديان، وبجانب دعوة الجامعات العبرية للطلاب الدوليين للدراسة في إسرائيل “منح” او “اسعار مخفضة” ويشارك هنا جميع الفئات الفردية المطلوب استهدافها للمشروع الصهيوني، عربي صهيوني – مسلم يدرب الشباب علي عدم معاداة السامية – دورزي في الجيش الإسرائيلي – مسيحي يشرح معاناه اليهود في الهولوكوست، وباقي فئات العالم الفردية “صهيوني الوظيفة”.

الخطر الحقيقي في المشروع الصهيوني اليوم لا يكمن فقط في ترسانته العسكرية ولا في تفوقه الأمني، بل في قدرته على إعادة إنتاج نفسه كأيديولوجيا عابرة للدين والهوية، تتسلل إلى العقول قبل أن تفرض نفسها على الأرض صهيونية بلا يهود، وبلا نجمة داود أحيانًا، لكنها أكثر خطراً لأنها تتخفى خلف شعارات السلام والتعايش وحقوق الإنسان.

إن أخطر ما أنجزه المشروع الصهيوني ليس احتلال الأرض فقط، بل محاولة تطبيع الاحتلال داخل الوعي العربي والعالمي، وتحويل بعض أبنائه إلى أدوات دفاع عنه، عن وعي أو بدونه، فحين يدافع العربي عن الصهيونية، أو يبرر جرائمها، أو يهاجم ضحاياها بلغة المحتل، يكون المشروع قد حقق أحد أهم أهدافه: كسر البوصلة الأخلاقية قبل كسر الجغرافيا.

ولهذا، فإن المعركة الحقيقية اليوم ليست عسكرية فحسب، بل معركة وعي وهوية، معركة ضد “صهيوني الوظيفة” و”صهيوني الخطاب” قبل صهيوني السلاح؛ فالصهيونية لا تحتاج أن تكون يهودي لتعتنقها، لكنها تحتاج فقط إلى عقل منزوع الذاكر ووعي مُعاد تشكيله.

“نيوز مصر” هو موقع إخباري مصري مستقل، يسعى إلى تقديم تغطية شاملة ومهنية لأهم الأخبار المحلية والعالمية، بمنظور مصري يعكس نبض الشارع واحتياجات المواطن.

تواصل معنا ..

تم تصميمه و تطويره بواسطة
www.enogeek.com
حقوق النشر محفوظة لـ نيوز مصر © 2025