تؤثر الحروب على مختلف القطاعات في مناطق النزاع، حيث تبرز آثارها الاقتصادية والسياسية في أولويات الحكومات.
ومع ذلك، يُعتبر تأثير الحرب على البيئة وتغير المناخ قضية مهمشة رغم خطورتها. تؤدي النزاعات المسلحة إلى تعطيل جهود مواجهة تغير المناخ، مما يزيد من نقص الموارد ويعوق تطوير مشاريع لحماية البيئة وتلبية احتياجات السكان.
تستهلك المركبات العسكرية كميات كبيرة من الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى انبعاث ملوثات مثل أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين، مما يؤثر سلبًا على صحة المدنيين والعسكريين في مناطق النزاع. كما تسهم الحروب في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة، مما يعزز ظاهرة الاحتباس الحراري.
تعتبر الحروب المستمرة بين إسرائيل وحماس، والنزاع الروسي الأوكراني، والصراعات في اليمن وسوريا والسودان، تحديات معقدة تؤثر على الأبعاد السياسية والإنسانية والبيئية. تؤدي هذه النزاعات إلى استهلاك موارد هائلة وتسبب أضرارًا بيئية جسيمة، مما يؤثر سلبًا على جهود الاستدامة والطاقة الخضراء.
على سبيل المثال، تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر يومية تقدر بـ 80 مليون دولار بسبب النزاع في غزة، بينما بلغت الأضرار الناجمة عن الحرب في أوكرانيا حوالي 152 مليار دولار، مع تقديرات إضافية تصل إلى 499 مليار دولار بسبب تعطيل الاقتصاد. كما تقدر الخسائر الروسية بحوالي 34 مليار دولار.
أفاد تقرير مرصد الصراع والبيئة البريطاني بالتعاون مع منظمات دولية أن الجيوش والحروب تسهم بنسبة 5.5% من انبعاثات غازات الدفيئة، حيث أدت الحرب الروسية الأوكرانية في الأشهر السبعة الأولى إلى انبعاث 100 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
تساهم الممارسات العسكرية في تدمير المخازن الطبيعية للكربون، مثل الغابات، وتضر بالبنية التحتية للطاقة، حيث توقفت 90% من طاقة الرياح و50% من الطاقة الشمسية في أوكرانيا منذ بداية الحرب. تؤدي الحروب إلى تدهور التنوع البيولوجي وزيادة مستويات التلوث.
وقد وثق الصحفيون في أوكرانيا جرائم بيئية تشمل الهجمات على المنشآت الصناعية، مما يهدد نفوق 90% من الحيوانات الكبيرة في مناطق النزاع. في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تمثل الهجرة الداخلية 23% من إجمالي المهاجرين على مستوى العالم، حيث بلغ عددهم 16.2 مليون شخص في عام 2024.
وتتصدر اليمن وسوريا قائمة الدول الأكثر تأثرًا، تليهما السودان.تواجه غزة تداعيات خطيرة نتيجة تغير المناخ، مما يتطلب استجابة عاجلة، لكن الحرب والحصار يعيقان مشاريع التكيف.
تتأثر البيئة سلبًا بسبب استخدام أسلحة كيميائية محظورة، مثل الفسفور الأبيض، مما يؤثر على التربة والمياه والكائنات البحرية. كما تمنع السلطات الإسرائيلية دخول المواد اللازمة لحماية السواحل، مما يزيد من خطر الفيضانات. تعاني غزة أيضًا من بنية تحتية متهالكة ونظام كهربائي ضعيف، مما يصعب مواجهة موجات الحر ويؤثر سلبًا على الحياة اليومية والاقتصاد.
تُعتبر منطقة النزاع بين روسيا وأوكرانيا من أبرد المناطق النائية، لكن تأثيرات الاحتباس الحراري أدت إلى ذوبان الجليد، مما سهل الوصول إلى موارد قيمة.
روسيا هي رابع أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة، حيث تمثل 4.6% من الانبعاثات العالمية، ونصيب الفرد من الانبعاثات فيها يعد من بين الأعلى عالميًا. ورغم الإمكانيات الكبيرة للطاقة المتجددة في روسيا، إلا أن حصتها في مزيج الطاقة لا تتجاوز 0.1%، ولا توجد خطط واضحة للاستثمار في هذا المجال.
يُعتبر المناخ عاملاً حيوياً يؤثر بشكل كبير على الهجرة، حيث تؤدي التغيرات المناخية إلى زيادة المخاطر في المناطق الريفية، مما يدفع السكان إلى الانتقال إلى المدن.
تشمل هذه التأثيرات السلبية ارتفاع درجات الحرارة، والتصحر، ونقص المياه.تُعد الفيضانات من أبرز المخاطر المناخية في اليمن، حيث أدت إلى تدمير المساكن ونزوح حوالي 174 ألف شخص في عام 2023، مقارنةً بـ10 آلاف شخص في عام 2013. بين يناير ومايو 2024، شهدت البلاد موجات هجرة كبيرة نتيجة الفوضى المناخية، حيث تجاوز عدد النازحين 1000 شخص، بينما كانت حالات الهجرة الناتجة عن النزاعات أقل.
في عام 2023، كانت الهجرة بسبب التغيرات المناخية أكثر من تلك الناتجة عن الصراعات وتشمل المخاطر المناخية الأخرى حرائق الغابات والأعاصير والجفاف، وقد تم تسجيل هجرة 2875 شخصًا إلى المخيمات بين 17 و22 إبريل 2024، معظمها نتيجة الفيضانات. تؤدي التغيرات المناخية إلى توترات اجتماعية بين المهاجرين والمجتمعات المضيفة بسبب التنافس على الموارد الأساسية.
تواجه الدول التي تعاني من صراعات داخلية مخاطر مناخية تؤثر على الزراعة وسبل العيش، مما يزيد من مشكلة انعدام الأمن الغذائي.تؤثر الحروب سلبًا على قضايا التغير المناخي، مما يعرقل التحول نحو الاقتصاد الأخضر ويزيد من الآثار السلبية للفوضى المناخية.