كتب- شريف عبدالعليم
أكد أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة القاهرة الدكتور عمرو حسن، أن مصر أصبحت في صدارة دول العالم من حيث معدل الولادة القيصرية، وفقًا لبيانات المسح الصحي للأسرة المصرية 2021، والتي أظهرت أن 72% من إجمالي الولادات في مصر تتم عن طريق القيصرية، وهو ما يعادل ولادة 7 من كل 10 نساء بعملية جراحية، في وقت يُعتبر المعدل الطبيعي المقبول عالميًا بين 10% و15%.
وأشار حسن، في تصريحات خاصة لـ”نيوز مصر” الي أن هذه النسبة المرتفعة لا تعكس تقدمًا طبيًا كما قد يظن البعض، بل تمثل تحديًا صحيًا خطيرًا يؤثر بشكل مباشر على صحة الأمهات والأطفال، ويزيد من العبء على المنظومة الصحية من حيث التكلفة والتعقيد وسعة الاستيعاب، مشيرًا إلى أن العديد من هذه العمليات تُجرى بدون دوافع طبية واضحة.
وأضاف أستاذ أمراض النساء والتوليد، إن نسبة الولادة القيصرية في مصر طبقًا لنتائج المسح السكاني لسنة 2000 كانت 10 %، وفي سنة 2008 أصبحت 27.6 %، وسنة 2014، 51.8 %، لتصبح مصر في المرتبة الثالثة عالميًا بعد جمهورية الدومينيكان والبرازيل، وسنة 2021 شكلت نسب الولادة القيصرية في مصر نحو 72 %، لتحتل بهذه النسبة المرتبة الأولى عالميًا.
وتابع حسن، أنه بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فإن نسب الولادة القيصرية كانت سنة 2000 23%، وسنة 2008 أصبحت 32.8 %، وفي سنة 2014 وصلت إلى 32.2 %، وفي سنة 2021 شكلت 32.1 %، مضيفًا: مصر سجلت ارتفاعًا قدره 62 نقطة مئوية خلال نفس الفترة، بينما لم تتجاوز الزيادة في الولايات المتحدة 9 نقاط مئوية، وهذا التباين الحاد يعكس أن أسباب الارتفاع في مصر ليست طبية فحسب، بل مجتمعية وثقافية واقتصادية وإدارية أيضًا.
وأضاف حسن، أن هناك أسباب ثقافية ومجتمعية في ارتفاع نسب الولادة القيصرية بمصر، بالإضافة إلى الخوف من الألم نتيجة غياب ثقافة تسكين الولادة مثل إبرة الظهر، وتأثير الإعلام والدراما التي تصور الولادة الطبيعية كمشهد مرعب، مع وجود اعتقاد شائع أن القيصرية أسهل وأكثر تحكمًا في التوقيت، وجدولة الولادة، بينما في أمريكا تمنع معظم المستشفيات جدولة الولادة القيصرية دون مبرر طبي وفق بروتوكولات منظمة وصارمة.
وأكد الدكتور عمرو حسن، أنه لدي الكثير من النساء في مصر ضعف الثقافة الرياضية أثناء الحمل، وتعرضهن لتغذية مفرطة، وإصابتهن بسكر الحمل، وذلك نتيجة الحمل في سن متأخرة بسب تأخر الزواج، فكل هذه الأمور قد تجل النساء الحوامل يلجؤون للولادة القيصرية.
ودعا الدكتور عمرو حسن إلى تبني خطة وطنية شاملة لتقليل الولادات القيصرية غير الضرورية، تستند إلى تجارب ناجحة حول العالم، تشمل: تدريب الفرق الطبية على تشخيص دقيق للحالات، ومراجعة قرارات القيصرية بشكل دوري داخل المستشفيات، وتحسين الدعم النفسي والاجتماعي للنساء من خلال توفير مرافق أثناء الولادة، وجلسات تمهيدية نفسية للولادة الطبيعية، وتحفيز المستشفيات لتشجيع الولادات الطبيعية عبر تعديل نظام الحوافز المالية، وتعزيز التوعية المجتمعية عبر حملات توضح فوائد الولادة الطبيعية ومخاطر القيصرية غير المبررة، وتوفير دليل للولادة لكل أم مقبلة على الولادة، يتضمن شرحًا مبسطًا لفروق الطريقتين ومراحل التعافي، ونشر تقارير شفافة سنويًا توضح نسب القيصرية في كل مستشفى حكومي، مع فرق مراجعة سريرية لمراقبة الأداء.
وأكد أمراض النساء والتوليد، علي أن تقليل معدل الولادة القيصرية لا يعني العودة إلى الوراء، بل هو تصحيح للمسار الصحي، ودعم مباشر لصحة الأم والطفل، مطالبًا بضرورة تكاتف الجهود بين الجهات الصحية والمجتمع المدني والإعلام لتحقيق التوازن المطلوب بين التدخل الجراحي عند الحاجة، وتشجيع الولادة الطبيعية عند توفر الظروف الملائمة.
وأوضح الدكتور عمرو حسن، بلغت نسبة الولادة القيصرية في المنشآت الحكومية 63%، وفي المستشفيات الخاصة 81%، لكن السؤال الحقيقي هل كل العمليات دي كانت ضرورية فعلا؟.. ولا في آلاف الستات كان ممكن يولدوا طبيعي لو توافرت لهم المعلومة والدعم والقرار الصح؟.. الولادة الطبيعية مش بس شكل من أشكال الولادة، ولكنها رحلة بيولوجية كاملة بيشارك فيها الجسم والهرمونات والعقل.
وأشار حسن، إلي أن الولادة الطبيعية تجربة نفسية بتعزز ثقة الأم بجسمها، وبتوفر وقاية طويلة المدى للطفل من مشاكل التنفس والمناعة، لكن للأسف ضغط الوقت، وسوء التثقيف وخوف الأمهات يجعل القيصرية هي الطريق الأسرع، حتى لو مش الأفضل دائمًا.
نصائح للنساء خلال فترات الحمل لزيادة فرص الولادة الطبيعية
ووجه أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية طب جامعة القاهرة: عدد من النصائح التي تزيد من فرص الولادة الطبيعية، ومنها اختيار طبيب مؤمن بالولادة الطبيعية، ولديه دعم نفسي للأم، ليس طبيا فقط، كما يجب على المرأة الحامل فهم طبيعة جسمها والتثقيف والدراية بعلامات الولادة الطبيعية، بالإضافة إلى ممارسة تمارين التنفس والنشاط الرياضي بانتظام، ويمكن للنساء الحوامل ممارسة اليوجا والمشي والسباحة لتقوية عضلات الحوض والرحم، لتسهيل الولادة، مع ضرورة الحفاظ على التغذية، حتى يصل الجنين لحجم صحي طبيعي.
وأكد حسن، أن التغذية الصحية للأم خلال فترات الحمل، تجعل الولادة أسهل، وتجنب الولادة المبكرة، وتقلل فرص القيصرية، كما يجب على النساء الحوامل تجنب تناول السكريات والأملاح الزائدة، مع ضرورة تناول كميات كافية من البروتين الحيواني والنباتي والكالسيوم والحديد، بالإضافة إلى الفواكه الغنية بمضادات الأكسدة.
