خرج علينا أحد أبرز قادة الكونجرس عضو مجلس الشيوخ السناتور الجمهوري ليندسي جراهام، وهو الصديق الشخصي المقرب من الرئيس ترامب واحد السياسيين الداعمين بقوة لقراراته وسياساته الخارجية التي يدير بها علاقات أمريكا مع العالم، خرج ليول ان الرئيس ترامب بصدد إصدار قرار بفرض رسوم جمركية تصل الي مائة في المائة علي الدول التي لها علاقات تجارية واقتصادية مع روسيا، كاداة أخري للضغط بها عليها لارغامها علي وقف حربها علي اوكرانيا في الحال.
وعندما يقول جراهام ذلك، فإنه متاكد منه ويعرف ما يتحدث عنه وربما يكون قد اطلق تصريحه هذا كبالون اختبار لجس النبض وللتعرف مسبقا علي طبيعة ردود الفعل الدولية المحتملة من جراء تنفيذ مثل هذا القرار الاقتصادي الكارثي وأيا ما كان الامر، فان تصريح السناتور جراهام وهو من هو في واشنطون، يجب الا يوخذ باستخفاف او علي انه من قبيل التهويش والترهيب دون ان يكون مصحوبا بنية حقيقية لتنفيذه..
وهو ما اختلف فيه مع من سوف يذهبون في هذا الاتجاه في تفسيرهم لدوافع هذا القرار، وهذا ما يدعوني الي القول بان التبعات والتداعيات الاقتصادية والتجارية المتوقعة لمثل هذه العقوبة الجديدة علي دول كثيرة سوف تكون خطيرة ومؤلمة للغاية، كما أنها سوف تضعها مع نفسها امام خيارات سياسية واستراتيجية قد تكون هي الاخري من الصعوبة بمكان، بل وسوف تكون الدول المستهدفة بها هي الغارم الاكبر فيها وليست روسيا، وبخاصة اذا كانت تجمعها بروسيا الي جانب علاقاتها التجارية والاقتصادبة الثنائية معها، شراكات اقتصادية اكبر في اطار تجمعات اقتصادية دولية كبيرة كتجمع بريكس وغيره من التجمعات الدولية المشابهة فضلا عن ارتباطات هذه الدول الامنية والدفاعية والتسليحية بروسيا، والتي لا بد وأن تتاثر بهذا كله وينعكس عليها سلبا الخ.
مصر علي سبيل المثال هي احدي هذه الدول التي تجمعها بروسيا علاقات اقتصادية وتجارية وامنية وثيقة وقوية ومن الصعب جدا التصحية بهاواو الاستغناء عنها او العثور علي البديل الجاهز لها أو الذي يمكنه ان يملا فراغها ومن شان امتداد هذه العقوبات الامريكية اليها أن يحدث لها اضرارا بالغة في كل هذه الدوائر والمجالات وسوف يكون هذا هو حال دول كثيرة اخري غيرها وليس لها وحدها.
وبهذه التهديدات الخطيرة والعقوبات الاقتصادية القاسية والموجعة، يكون الرئيس ترامب كمن يضع السكين علي رقبة كل هذه الدول ليذبحها به غير مكترث بما سوف يحدثه لها من ازمات اقتصادية مدمرة وقد تفقد اوضاعها الاقتصادية توازنها وتعجل بانهيارها، خاصة اذا ما طال امد تطبيق تلك العقوبات، أو اذا ما فشلت في ارغام روسيا علي وقف حربها في أوكرانيا وقررت مواصلتها أيا ما كان الثمن المدفوع فيها وهو أمر يرجع القرار الاخير فيه لروسيا وحدها، وليس للدول التي سوف تتضرر بشدة من تلك العقوبات الاقتصادية الامريكية..
وفي النهاية، أقول أن العالم كله يمر الآن بمرحلة لم يسبق لها مثيل من الفوضي الدولية الشاملة وعدم الاستقرار الذي يضرب معظم مناطق العالم وكل ذلك بسبب الاسلوب الدكتاتوري المستبد الذي تدير به الادارة الامريكية الحالية بقيادة الرئيس ترامب الازمات والمشكلات الدولية، الاسلوب الذي لا يقوم علي المشاركة الدولية الواسعة او المتعددة الاطراف في نظام دولي ديموقراطي يتسع للجميع، وأنما علي الهيمنة والانفراد باتخاذ القرارات وكاننا ما زلنا في عالم القطب الواحد المسيطر ، والذي لم يعد يتسع لاي اقطاب آخرين حتي لو كان بعضهم بحجم وقوة روسيا أو الصين.
أما الي متي سوف تستمر هذه الاوضاع الدولية غير الطبيعية من التوترات والازمات والصراعات والحروب والتهديدات ومن التخبط والعشوائية والارتجال، فلا أدري ولا احد عاد يدري.