📅
الاثنين
01 ديسمبر 2025
🕒 04:50 ص

NE

News Elementor

د. دعاء عبدالسلام تكتب: حين يغيب الدفء

محتوي الخبر

الفقد العاطفي ليس حدثاً عابراً في حياة الإنسان، بل هو زلزال داخلي يهزّ البنى العميقة للروح. لا يتعلق الأمر فقط بانتهاء علاقة أو غياب شخص كان يوماً قريباً، بل هو ارتطام مباشر بين الوجدان والحقيقة القاسية: أن كل ما نمنحه من مشاعر قد يكون عابراً، وأن الحب نفسه قد لا يكفي للبقاء.

حين نفقد من أحببنا، يتغير طعم العالم. الأصوات نفسها تصبح باهتة، الأماكن التي كانت تمتلئ بالحياة تتحول إلى مسارح صامتة للذكرى. نفقد القدرة على الفرح البسيط، لأن الفرح كان مرتبطاً بوجود من رحل. الفقد العاطفي لا يسرق منا الآخر فقط، بل يسرق جزءاً من ذواتنا التي كانت تحيا به ولأجله.

من منظور فلسفي، يمثل الفقد العاطفي اختباراً لجوهر الإنسان، إذ يضعه أمام سؤال وجودي عميق: من أكون حين يغيب من كنت أراه مرآتي؟ إنه صراع بين الذاكرة والنسيان، بين الرغبة في الاحتفاظ بالماضي والخضوع لقانون الزمن الذي لا يرحم. فالمشاعر، مهما كانت خالدة في الوجدان، تبلى ببطء تحت ضغط الواقع.

لكن في المقابل، قد يكون الفقد العاطفي لحظة ولادة جديدة. فكما يخلّف الحريق رماداً ينبت منه الغصن، يولّد الفقد وعياً أكثر نضجاً بالذات. الإنسان بعد الفقد لا يعود كما كان؛ يصبح أكثر حكمة، أكثر فهماً لقيمة الحضور، وأكثر إدراكاً لهشاشة الروابط التي نعلّق عليها سعادتنا.

الفقد العاطفي، إذن، ليس نهاية، بل فصل من فصول النضج الإنساني. إنه تجربة قاسية تكشف هشاشتنا، لكنها في الوقت ذاته تعيد صياغة علاقتنا بالعالم وبأنفسنا. وربما في لحظة صفاء نادرة، ندرك أن ما فقدناه لم يختفِ تماماً، بل تحول إلى ضوءٍ خافتٍ يسكن أعماقنا، يذكّرنا أننا أحببنا يوماً بصدق، وأننا ما زلنا قادرين على الحب رغم كل الغياب.

“نيوز مصر” هو موقع إخباري مصري مستقل، يسعى إلى تقديم تغطية شاملة ومهنية لأهم الأخبار المحلية والعالمية، بمنظور مصري يعكس نبض الشارع واحتياجات المواطن.

تواصل معنا ..

تم تصميمه و تطويره بواسطة
www.enogeek.com
حقوق النشر محفوظة لـ نيوز مصر © 2025