صرّح الدكتور محمد راشد، عضو غرفة صناعة التطوير العقاري بالاتحاد الأفروآسيوي وعضو المجلس التنفيذي للمجلس المصري للبناء الأخضر والتنمية المستدامة التابع لرئاسة مجلس الوزراء، بأن السوق العقاري المصري يدخل مرحلة حساسة تتطلب إعادة صياغة نموذج التطوير المعمول به حاليًا، والانتقال تدريجيًا نحو ما أسماه «التطوير منخفض المخاطر»، وهو نموذج يعتمد على توازن حقيقي بين حجم الطرح وقدرة المطور المالية والتنفيذية، بما يضمن تسليم المشروعات دون ضغوط تمويلية أو لجوء لممارسات تسويقية ترفع المخاطر على المطور والمشتري على حد سواء. وأوضح أن هذه النقلة ليست رفاهية بل ضرورة استراتيجية إذا أراد القطاع الاستمرار في النمو دون إنتاج موجات جديدة من التعثر أو التضخم السعرى غير المبرر.
وأشار راشد إلى أن التطبيق الفعلي لهذا النموذج يتطلب ضبطًا هيكليًا لمنح الأراضي، وإعادة تقييم آليات الطرح بما يراعي قدرة الشركات على التنفيذ الفعلي وليس فقط على البيع. وأكد أن الفصل بين “حجم الطموح” و“حجم القدرة” أصبح شرطًا أساسيًا لحماية السوق من التوسع غير المحسوب الذي شهدته بعض الفترات السابقة، حيث اعتمدت شركات كثيرة على التوسع في محفظتها البيعية دون امتلاك غطاء تمويلي أو هندسي كافٍ.
وأضاف راشد أن التطوير منخفض المخاطر يوفر إطارًا أكثر انضباطًا يعيد الثقة للسوق، ويخلق دورة تنمية أكثر اتزانًا تتعامل بواقعية مع موارد المطورين وسلوك المستهلكين.
وأوضح راشد أن التحول لهذا النموذج ينعكس مباشرًا على ثقة المشتري، ويضمن قدرة أكبر على ضبط تسعير الوحدات، ويخلق بيئة استثمارية أكثر استدامة تسمح بتدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية إلى القطاع.
وألمح راشد إلى أن الدول التي تبنت نماذج تطوير أكثر انضباطًا، مثل الإمارات والسعودية، تمكنت من تخفيض معدلات التعثر ورفع جودة المشروعات وتسريع معدلات الإنجاز، وهو ما يعزز تنافسيتها ويجعل التطوير العمراني عنصرًا داعمًا للنمو الاقتصادي وليس عبئًا عليه.
واختتم راشد بأن نجاح مصر في التحول نحو التطوير منخفض المخاطر سيعيد رسم الجغرافيا الاستثمارية للقطاع، وسيعمل على خلق سوق أكثر قوة وجاذبية، يوازن بين طموح المطور وحق المواطن في منتج عقاري عالي الجودة، ويعزز في الوقت نفسه مسار الدولة في التخطيط العمراني المستدام والتحرك نحو تنمية أكثر تماسكًا واستقرارًا


