إسرائيل الكبرى ليست مجرد دولة في الشرق الأوسط، بل تمثل حالة فريدة تجمع بين القوة العسكرية، التكنولوجيا المتقدمة، والتحالفات الإقليمية والدولية المعقدة. منذ تأسيسها، نجحت إسرائيل في بناء منظومة استراتيجية مرنة تجمع بين التفوق العسكري، الابتكار التكنولوجي، والقدرة على التأثير السياسي في المنطقة وخارجها. ومع دخول عام 2026، يبدو أن إسرائيل تسعى لتعزيز موقعها كقوة إقليمية مركزية، مع الحفاظ على تفوقها الأمني والاقتصادي، وتوسيع نفوذها السياسي والدبلوماسي.
أولاً: الأبعاد العسكرية والأمنية
1- التفوق العسكري المستمر:
إسرائيل تحتفظ بقدرات دفاعية وهجومية متقدمة، تشمل الطيران الحربي، الصواريخ الباليستية، أنظمة الدفاع الجوي مثل “القبة الحديدية”، وبرامج الاستطلاع السيبراني. هذه القدرات تمنحها ميزة ردع قوية ضد أي تهديد إقليمي مباشر.
2- استراتيجية التفوق النوعي:
على الرغم من محدودية الموارد البشرية مقارنة بالدول الكبرى، تعتمد إسرائيل على الجودة والتكنولوجيا في الحروب الحديثة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، الحرب الإلكترونية، والقدرات الاستخباراتية المتقدمة.
3ـ تحديات 2026:
احتمالية تصعيد التوتر مع إيران وميليشياتها في سوريا ولبنان.
مواجهة تهديدات أمنية من غزة والضفة الغربية، مع استمرار محاولات التنظيمات الفلسطينية تحسين قدراتها العسكرية.
الحاجة إلى تحديث الأسلحة الأمريكية التقليدية والمحافظة على التفوق العسكري النوعي.
ثانياً: الأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية
1ـ اقتصاد متقدم ومبتكر:
إسرائيل تعتمد على الاقتصاد المعرفي، الابتكار التكنولوجي، وصناعات الدفاع. الشركات الناشئة (Startups) تعتبر قلب الاقتصاد، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، والطاقة النظيفة.
2ـ التحديات الاقتصادية:
ارتفاع تكلفة المعيشة والضغط على الطبقة الوسطى.
الحاجة إلى تنويع الشراكات الاقتصادية بعيداً عن السوق الأمريكي والأوروبي، خاصة في آسيا وأفريقيا.
3ـ توقعات 2026:
من المتوقع أن تركز إسرائيل على تعزيز الاقتصاد الرقمي، الاستثمار في الطاقة المتجددة، والتوسع في التجارة مع دول الخليج بعد توقيع اتفاقيات التطبيع الأخيرة.
ثالثاً: الأبعاد السياسية والدبلوماسية
1- التحالفات الإقليمية والدولية:
إسرائيل تعتمد على شبكة علاقات استراتيجية تشمل الولايات المتحدة، بعض دول الخليج، ودول أوروبية مختارة. التطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب وسلطنة عمان أتاح لها نفوذاً دبلوماسياً جديداً.
2ـ السياسات الداخلية:
الصراع الداخلي حول الهوية الوطنية والديمقراطية، إلى جانب القضايا المتعلقة بالاستيطان، يظل تحدياً رئيسياً. الانتخابات القادمة وإعادة تشكيل الحكومة قد تؤثر على السياسات الخارجية والاستراتيجية.
3. توقعات 2026:
تعزيز التعاون مع دول الخليج ومصر والأردن لمواجهة النفوذ الإيراني.
استخدام الدبلوماسية الاقتصادية لتعميق النفوذ في أفريقيا وآسيا.
احتمالية مزيد من الضغوط الدولية على إسرائيل بخصوص القضية الفلسطينية، خاصة في المحافل الأوروبية والأممية.
رابعاً: الأبعاد الاجتماعية والديموغرافية
1- التركيبة السكانية:
إسرائيل تواجه تحديات تتعلق بالنمو السكاني للمجتمعات اليهودية والديموغرافيا الفلسطينية، الأمر الذي قد يؤثر على سياسات الأمن الداخلي والاستيطان.
2ـ التحديات المجتمعية:
الفجوات الاقتصادية بين المدن الكبرى والمناطق الريفية.
التوتر بين المجتمعات الدينية والعلمانية، وتأثير ذلك على الاستقرار السياسي.
3ـ توقعات 2026:
من المتوقع استمرار سياسات الدمج الاقتصادي والاجتماعي مع التركيز على دعم الابتكار والتعليم، للحفاظ على التماسك الاجتماعي وتفادي الاحتكاكات الداخلية.
خامساً: السيناريوهات المحتملة لإسرائيل في 2026
1ـ السيناريو المتفائل:
إسرائيل تعزز تحالفاتها الإقليمية والدولية، تواصل التفوق العسكري والتكنولوجي، وتحقق استقراراً داخلياً نسبياً مع تعزيز الاقتصاد الرقمي والصناعات الدفاعية.
2ـ السيناريو الحذر:
استمرار التوترات مع إيران والفلسطينيين، واحتكاكات داخلية متزايدة، قد تؤدي إلى ضغوط اقتصادية ودبلوماسية، خاصة إذا شهدت المنطقة تحولات غير متوقعة في تحالفات الشرق الأوسط.
3ـ السيناريو الصعب:
تصعيد أمني واسع مع أحد جيرانها، أو أزمة دبلوماسية كبرى في الأمم المتحدة، قد يهدد مصالحها الحيوية ويجبرها على إعادة ترتيب أولوياتها الاستراتيجية.
الخلاصة
إسرائيل الكبرى ستواصل لعب دور مركزي في الشرق الأوسط خلال 2026، مستفيدة من تفوقها العسكري، قوتها التكنولوجية، والتحالفات الإقليمية والدولية. لكنها تواجه تحديات أمنية ودبلوماسية داخلية وخارجية تتطلب توازنًا دقيقًا بين القوة والمرونة. نجاح إسرائيل في تجاوز هذه التحديات سيعتمد على قدرتها على الابتكار، إدارة تحالفاتها، والاحتفاظ بالاستقرار الداخلي.
