قال الدكتور مصطفى الهلباوي، أستاذ التفسير وعلوم الدين بجامعة الأزهر، من رحمة الله بعباده أن جعل لهم مواسم للخير والبركة، تتضاعف فيها الأجور وتكثر فيها النفحات، ليزدادوا قربًا منه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا».
وأشار الهلباوي، في تصريحات خاصة لـ”نيوز مصر” إلي أن المؤمن العاقل يغتنم هذه المواسم بالإقبال على الله والتودد إليه، ومن أعظم هذه المواسم الأشهر الحرم، وسميت بذلك لعظم حرمتها عند الله، فقد نهى الشرع عن انتهاك الحرمات فيها، قال تعالى: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36].
وأضاف أستاذ التفسير وعلوم الدين، كان العرب في الجاهلية يعظمون هذه الأشهر، فيمتنعون عن القتال وسفك الدماء، حتى إن الرجل كان يلقى قاتل أبيه فيها فلا يؤذيه، مما جعلها رسالة سلام للإنسانية. وقال تعالى:﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ﴾ [البقرة: 217].
وأكد الدكتور مصطفى الهلباوي، أن الأشهر الحرم هي: ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، ورجب وفيها يضاعف ثواب الأعمال الصالحة، كما يشتد العقاب على السيئات، لكن للأسف قلّ تعظيم الناس لها في زماننا، وشهر رجب هو أول هذه المواسم، ومقدمة لنفحات الله على عباده. سُمّي رجبًا لأنه كان يُرجَّب أي يُعظَّم، وله أسماء أخرى تدل على شرفه، منها: شهر الله الأصم: لأنه لا يُسمع فيه صوت السلاح، شهر الله الأصب: لأن الرحمة تصب فيه صبًّا.
وأوضح أستاذ التفسير وعلوم الدين، أن ما يدل على فضل رجب ما جاء في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ…» فوقوع شعبان بين رجب ورمضان يدل على مكانة رجب وفضله، ويُستحب الصيام في رجب؛ لزيادة ثواب الأعمال في الأشهر الحرم، وللاستعداد لشعبان ثم رمضان.


