حذر الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام والأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، من خطورة التصريحات الاستفزازية التي أدلى بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اليوم أمام البرلمان الإثيوبي، والتي دعا فيها مصر والسودان لحضور افتتاح سد النهضة في سبتمبر المقبل، مؤكداً أن هذه التصريحات تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقواعد القانون الدولي للمياه.
وقال الدكتور مهران في تصريحات صحفية، إن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي تمثل تجاهلاً واضحاً للقانون الدولي ولحقوق دول المصب، مشيراً إلى أن هذه التصريحات تخالف بشكل مباشر اتفاقية المبادئ الموقعة عام 2015 والاتفاقية الإطارية بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية، والتي تلزم الدول المتشاطئة بالتشاور والتفاوض للوصول إلى اتفاق ملزم قبل البدء في تشغيل مشروعات مائية عابرة للحدود.
وأوضح خبير القانون الدولي أن إثيوبيا تتعمد إثارة التوترات في المنطقة من خلال اتخاذ إجراءات أحادية الجانب دون الحصول على موافقة دول المصب، وهو ما يشكل انتهاكاً لمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول للمجاري المائية الدولية المنصوص عليه في القانون الدولي العرفي والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وأشار الدكتور مهران إلى أن تصريحات آبي أحمد بشأن دعوة مصر والسودان لحضور افتتاح السد تأتي في إطار محاولة لتجميل الصورة وإخفاء الحقائق القانونية، مؤكداً أن هذه الدعوة لا تغطي على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي التي ترتكبها إثيوبيا منذ سنوات عديدة.
وحذر أستاذ القانون الدولي، من أن استمرار إثيوبيا في سياستها الأحادية سيؤدي إلى أضرار جسيمة بدول المصب، خاصة مصر والسودان، اللتين تعتمدان بشكل أساسي على مياه نهر النيل في تأمين احتياجاتهما المائية وضمان الأمن الغذائي لشعوبهما.
وأكد الدكتور مهران على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم مواعيد ملء وتشغيل السد بما يضمن حماية حقوق الأجيال القادمة في دول المصب، مشيراً إلى أن القانون الدولي يلزم الدول بعدم إلحاق ضرر ذي شأن بدول أخرى عند استخدام المجاري المائية الدولية.
وفي سياق متصل، أكد الخبير القانوني أن لمصر الحق الكامل في الدفاع الشرعي عن أمنها المائي وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على حق الدول في الدفاع عن النفس في حالة التعرض لتهديد وجودي، موضحاً أن المياه تشكل عنصراً حيوياً لبقاء الدولة المصرية واستمرارها.
وقال الدكتور مهران إن التهديد المائي الذي تواجهه مصر من جراء السياسات الإثيوبية الأحادية يمكن أن يُفعل هذا الحق خاصة بعد استنفاد كافة الوسائل الدبلوماسية والقانونية، مؤكداً أن القانون الدولي يعطي الدول المتضررة حق اللجوء إلى كافة الوسائل المتاحة لحماية مصالحها الحيوية.
وطالب الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه هذا النزاع الخطير، محذراً من أن استمرار التجاهل الدولي لهذه القضية قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع وتطورات كارثية تضر بالمنطقة بأكملها وتؤثر على الاستقرار العالمي.
هذا وأشار إلى أن الدور المصري الحيوي في المنطقة وأهمية مصر كدولة محورية في الشرق الأوسط وأفريقيا يجعل من أي تهديد للأمن المائي المصري تهديداً للأمن الإقليمي والدولي، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لإجبار إثيوبيا على الالتزام بالقانون الدولي والعودة إلى طاولة المفاوضات.
وشدد الدكتور مهران على أن الحل الوحيد لهذه الأزمة يكمن في الالتزام بالقانون الدولي والتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يحمي حقوق جميع الأطراف ويضمن الاستخدام المنصف والمعقول لمياه النيل، محذراً من أن أي محاولة لفرض أمر واقع من خلال الإجراءات الأحادية ستقابل بالرفض القاطع من جانب دول المصب والمجتمع الدولي المدافع عن سيادة القانون.
ويأتي هذا التحذير في أعقاب تصريحات آبي أحمد أمام البرلمان الإثيوبي والتي أعلن فيها عن نية بلاده افتتاح سد النهضة في سبتمبر المقبل، في تجاهل واضح للمفاوضات الجارية وحقوق دول المصب في الحصول على ضمانات قانونية ملزمة قبل بدء التشغيل الفعلي للسد.