نظّم قسم الطب المهني والبيئي بكلية طب قصر العيني – جامعة القاهرة، بالتعاون مع الجمعية المصرية للياقة والعجز المهني وصحة البيئة، المؤتمر الدولي السادس والمؤتمر الوطني العشرون للأداء البشري في الصحة والإعاقة، تحت عنوان “اضطرابات الجهاز التنفسي المهنية والبيئية”، وذلك يومي الخميس والجمعة 10–11 يوليو 2025، بمركز التعليم المتطور – قصر العيني، جامعة القاهرة.
انعقد المؤتمر تحت رعاية الدكتور حسام صلاح مراد، عميد كلية طب قصر العيني ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية، وبحضور الأستاذ الدكتور عمر عزام، وكيل الكلية لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، و وأشراف الأستاذة الدكتورة إيناس جاب الله، رئيس قسم الطب المهني والبيئي، وبتنظيم مشترك مع اللجنة والجمعية الدولية للطب المهني والبيئي، إلى جانب القسم المصري للجمعية الأمريكية للمتخصصين في السلامة المهنية.
شهد المؤتمر حضورًا متميزًا لنخبة من الأساتذة والمتخصصين المصريين والدوليين في مجالات الطب المهني والتأهيل والصحة العامة، من عدد من الجامعات المصرية والمركز القومي للبحوث، بالإضافة إلى خبراء من مركز بحوث الأمان النووي والإشعاعي التابع لهيئة الطاقة الذرية، ومديري السلامة والصحة المهنية والأمن الصناعي من عدد من الشركات والمصانع، ما أضفى على المؤتمر زخمًا علميًا وتطبيقيًا واضحًا. وقد حرصت إدارة الكلية وقسم الطب المهني والبيئي على دعوة الأجيال الشابة من الأطباء المقيمين وأطباء الامتياز والطلاب للمشاركة في فعاليات المؤتمر، بما يعزز من تواصل الأجيال ويشجع على الانخراط المبكر في الأنشطة العلمية والبحثية. وقد استهل المؤتمر بمحاضرة افتتاحية متميزة ألقاها الأستاذ الدكتور وسيم السيسي بعنوان “الطب في العصر الفرعوني: رحلة تثقيفية عن عجائب الطب في مصر القديمة”، والتي لاقت تفاعلًا كبيرًا من الحضور.
وفي كلمته خلال افتتاح فعاليات المؤتمر، أكد الأستاذ الدكتور حسام صلاح مراد على أهمية الطب المهني ودوره الفعال في مكافحة العدوى داخل المستشفيات، مشيرًا إلى أن قسم الطب المهني والبيئي يُعد من أهم أقسام الكلية لما يقدمه من إسهامات علمية وعملية بارزة في تعزيز جودة الرعاية الصحية. كما أشاد بدور علماء قصر العيني في ترسيخ أسس وقواعد الطب المهني، مؤكدًا أن استمرار دعم هذا التخصص الحيوي يسهم في حماية صحة العاملين والمرضى، ويعزز من جهود الوقاية داخل المؤسسات الصحية، موضحًا مدى اهتمام إدارة الكلية بتشجيع ودعم الابتكار في مختلف التخصصات.
كما أعرب الأستاذ الدكتور عمر عزام عن تقديره لحرص القسم على المشاركة المجتمعية، من خلال تقديم العديد من الخدمات كالقوافل الطبية والزيارات الميدانية إلى مواقع العمل، بما يسهم في نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بين العاملين في المصانع والشركات ومؤسسات الدولة. وأكدت الأستاذة الدكتورة إيناس جاب الله على أهمية استمرار التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والجمعيات المتخصصة، سواء محليًا أو دوليًا، لتطوير مفاهيم الصحة المهنية، ورفع كفاءة الوقاية من الأمراض المهنية، لا سيما تلك التي تصيب الجهاز التنفسي، في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها بيئات العمل الحديثة. كما أوضحت أن رؤية ورسالة قسم الطب المهني والبيئي تتوافق مع تطلعات الكلية والجامعة، وقد تم تجسيد ذلك من خلال محاور المؤتمر التي تناولت تأثير بيئة العمل على الصحة الجسدية والنفسية، إلى جانب مناقشة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات الطبية والاستشارات المهنية للعاملين في مواقع الإنتاج.
وأشار الدكتور محمد البتانوني، رئيس المؤتمر، إلى أن اختيار موضوع “اضطرابات الجهاز التنفسي المهنية والبيئية” يعكس الاهتمام المتزايد بقضايا الصحة المهنية المرتبطة بالبيئة، خصوصًا في ظل تصاعد الأمراض المزمنة والمستجدة التي تؤثر على أعداد كبيرة من العاملين في مختلف القطاعات. كما أكدت الأستاذة الدكتورة داليا إبراهيم عطية، المنسق العام للمؤتمر، على الدور الرائد الذي يلعبه القسم من خلال هذا المؤتمر السنوي بالشراكة مع الجمعية المصرية للياقة والعجز، مشيدة بمسيرة القسم العلمية والتدريبية عبر السنوات.
وقد تضمنت فعاليات المؤتمر عددًا من الجلسات العلمية المتخصصة التي ناقشت موضوعات متعددة، من بينها: التشخيص المبكر لأمراض الجهاز التنفسي المرتبطة بالعمل، وتقييم المخاطر البيئية، ودور السياسات الصحية في الوقاية، وسبل تعزيز الممارسات الآمنة داخل أماكن العمل، بالإضافة إلى أحدث تقنيات الرصد والوقاية من الملوثات الصناعية والبيئية. كما تخلل المؤتمر عروض بحثية وورش عمل تفاعلية ساهمت في إثراء الحوار العلمي وفتحت آفاقًا جديدة للتعاون بين الباحثين والممارسين في مجال الطب المهني، مما يعزز من كفاءة المخرجات العلمية والتوصيات التطبيقية المرتبطة بهذا المجال الحيوي.
وقد شارك في المؤتمر أساتذة وخبراء من جامعة جازان بالمملكة العربية السعودية ومن King’s College بالمملكة المتحدة، وأشاد الجميع بضرورة استمرار التعاون المستقبلي بين أقسام الطب المهني والبيئي داخل مصر وخارجها، مع التركيز على الدور التوعوي للجامعات تجاه مجتمع العاملين بالدولة، وتسليط الضوء على أهمية السلامة والصحة المهنية للمرأة العاملة والطفل، خاصة مع وجود ظاهرة عمالة الأطفال في بعض البيئات الصناعية.
وفي ختام فعاليات المؤتمر، تم تكريم عدد من رموز الطب المهني والبيئي، وقامات الصحة العامة من كلية طب قصر العيني والجامعات المصرية، ومن بينهم رؤساء الأقسام الحاليين والسابقين، تقديرًا لعطائهم العلمي والمهني، وقد عبّرت الأستاذة الدكتورة حنان مبارك، وكيل الكلية لشؤون الطلاب، عن سعادتها بالمستوى الراقي للمؤتمر، وبالمحاضرات التثقيفية التي تفتح آفاقًا معرفية للطلاب والمجتمع الجامعي.
وانتهى المؤتمر بعدد من التوصيات المهمة، كان أبرزها: تعزيز الفحص الطبي الدوري للعاملين لكونهم الركيزة الأساسية لنهضة المجتمع، والإعداد لسلسلة من ورش العمل والندوات وبرامج التدريب لزيادة الوعي المجتمعي بصحة وسلامة وأمن العاملين، ودعم البحوث التطبيقية في مجال الطب المهني والبيئي، مع التركيز على قضايا المرأة العاملة والطفل، وضرورة إدماج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في خدمات الطب المهني لتعزيز الكفاءة والوقاية.
جاء تنظيم هذا الحدث العلمي المتميز في إطار جهود كلية طب قصر العيني المستمرة لتعزيز مكانتها كمؤسسة أكاديمية وطبية رائدة، تسهم في بناء القدرات العلمية، ودعم الممارسات الصحية الآمنة، وتحقيق التكامل بين التقدم العلمي والتطبيق العملي في مجال الصحة المهنية والبيئية، بما ينعكس إيجابيًا على صحة العاملين والمجتمع ككل، ويواكب أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
