يُتابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بقلق بالغ تصاعد الخطابات الإقصائية في بعض الأوساط السياسية الإسبانية، لاسيما ما يقوم به حزب “فوكس” اليميني المتطرف من محاولات ممنهجة لتحويل الحجاب والتعليم الإسلامي إلى ساحة صراع أيديولوجي، في مشهد يعكس تنامي نبرة الكراهية والتمييز داخل بعض دوائر صناعة القرار.
وقد شهد شهر يونيو 2025 تقديم الحزب المتطرف لمقترحين تشريعيين، أحدهما في مدريد والآخر في إقليم أندلوثيا، يدعوان إلى حظر ارتداء الحجاب في جميع الأماكن والمباني العامة، دون الاستناد إلى أية وقائع أو حجج موضوعية، وهو ما يمثل استهدافًا مباشرًا للمرأة المسلمة وحقها في اختيار مظهرها الديني بحرية واستقلالية.
ويؤكد مرصد الأزهر أن هذه المقترحات تندرج ضمن مشروع سياسي أوسع ينتهجه الحزب لتقويض التعددية الدينية والثقافية، مستندًا إلى خطاب يُروّج لما يسمى بـ”الهوية الوطنية” في مواجهة ما يصفه زورًا بـ”الخطر الإسلامي”، عبر ادعاءات لا تستند إلى أدلة، مثل التحذير من “أسلمة منظمة” أو اتهام المناهج الإسلامية في المدارس بالدعوة إلى التطرف، وهو ما فندته الحكومة الإسبانية على لسان وزيرة التعليم، مؤكدةً تمسك الدولة بقيمها القائمة على احترام الحريات والعيش المشترك.
ويرى المرصد أن الهجوم المنظم على الحجاب تحديدًا، وما يرافقه من تصوير مغلوط للمرأة المسلمة باعتبارها ضحية بحاجة إلى “إنقاذ”، يكشف ازدواجية خطاب تلك التيارات، التي تدّعي الدفاع عن حقوق المرأة، في الوقت الذي تسلبها أبسط حقوقها في التعبير عن قناعاتها الدينية، في انتهاك صارخ لمبادئ الحرية الفردية التي تُعد ركيزة أساسية في المجتمعات الديمقراطية.
ويشدد المرصد على أن مثل هذه التوجهات الإقصائية لا تسهم في حماية الهوية أو تعزيز التماسك الاجتماعي، بل على العكس، تغذي الانقسام، وتفتح المجال أمام خطاب الكراهية والتطرّف المضاد، الأمر الذي يُنذر بعواقب وخيمة على استقرار المجتمعات الأوروبية ذاتها.
وإذ يُدين مرصد الأزهر هذه الحملة المنظمة التي تستهدف الحجاب والتعليم الإسلامي، فإنه يدعو مؤسسات الدولة الإسبانية والمجتمع المدني والأحزاب المعتدلة إلى الوقوف بحزم في وجه هذه المساعي، والعمل على صون التعددية الثقافية والدينية، والحيلولة دون تحوُّل الكراهية إلى تشريعات رسمية تقوّض أسس الديمقراطية والعيش المشترك.