كتب- شريف عبدالعليم
صرّح رجل الأعمال الدكتور محمد رزق، عضو حزب مستقبل وطن، بأن الاقتصاد الرقمي بات يشكل أحد المحركات الرئيسية للنمو العالمي، لكنه في الوقت ذاته يظل من أصعب القطاعات الاقتصادية التي يمكن قياسها بدقة.
وأوضح رزق، في بيان له، أن المثال الأبرز على ذلك هو استهلاك عملة “بيتكوين” من الكهرباء، والذي يعادل استهلاك دولة كبرى بحجم الأرجنتين، ورغم ذلك فإن الجزء الأكبر من هذا النشاط يظل خارج نطاق الحسابات الاقتصادية التقليدية، ما يخلق فجوة كبيرة في فهم حقيقة هذا الاقتصاد وتأثيره.
صياغة سياسات اقتصادية دقيقة
وأشار رزق، إلى أن هذه الفجوة في القياس لا تعني فقط نقص البيانات، بل تؤثر مباشرة على قدرة الحكومات على صياغة سياسات اقتصادية دقيقة وفعالة.
وأضاف رزق، أن غياب الصورة الكاملة عن حجم الاقتصاد الرقمي يحد من قدرة الدول على استغلال إمكاناته الضخمة في دعم النمو وتوليد فرص العمل وجذب الاستثمارات.
وذكر رزق، أن النسخة الحديثة من أحد المعايير الدولية لقياس النشاط الاقتصادي جاءت لتقدم نقلة نوعية في هذا المجال، حيث أصبحت قادرة على رصد التحول الرقمي، وتقييم الأصول غير الملموسة، ومتابعة الإنتاج العالمي المرتبط بالتكنولوجيا، مما يوفر قراءة واقعية وشاملة لمكونات الاقتصاد الرقمي.
وأوضح رزق أن هذا التقدم في أدوات القياس يمثل نقطة تحول استراتيجية، إذ يمنح صانعي القرار بيانات أكثر دقة، تساعدهم على تبني سياسات استثمارية وتنموية متوافقة مع الواقع الجديد، وتوجيه الموارد نحو القطاعات التي تحمل أعلى إمكانات للنمو المستدام.
مصر مركز إقليمي صاعد للاقتصاد الرقمي
وأشار رزق، إلى أن مصر تملك فرصة ذهبية للاستفادة من التحول العالمي نحو الاقتصاد الرقمي، خاصة في ظل ما تمتلكه من مقومات بشرية شابة، وبنية تحتية رقمية آخذة في التطور، ورؤية استراتيجية واضحة نحو التحول الرقمي ضمن خطط الدولة للتنمية المستدامة.
وأوضح رزق، أن الاستثمار في المهارات الرقمية، وتوسيع نطاق الخدمات الحكومية الإلكترونية، ودعم الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، والتجارة الإلكترونية، يمكن أن يحول مصر إلى مركز إقليمي لصناعة التكنولوجيا والابتكار. وأضاف أن هذه الخطوات لن تسهم فقط في جذب استثمارات أجنبية ضخمة، بل ستدعم أيضًا زيادة الإنتاجية، وتوفير فرص عمل نوعية، وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري على المستويين الإقليمي والعالمي.
توقعات مستقبلية لاقتصاد مصر الرقمي بحلول 2030
وتوقع رزق أن يشهد الاقتصاد الرقمي في مصر طفرة نوعية خلال السنوات القادمة إذا ما تم استثمار الفرص المتاحة وتبني السياسات الداعمة للتحول الرقمي.
وأوضح أنه بحلول عام 2030، يمكن أن يتضاعف حجم الاقتصاد الرقمي في مصر ليشكل ما بين 15% إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبته الحالية التي لا تتجاوز بضعة في المئة.
وأضاف رزق، أن هذا النمو المحتمل سيتحقق عبر ثلاثة مسارات رئيسية: الأول هو تسريع وتيرة التحول الرقمي في القطاعين الحكومي والخاص، والثاني هو تعزيز الابتكار وريادة الأعمال في مجالات التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية، والثالث هو توسيع البنية التحتية الرقمية لربط المدن والمناطق الريفية على حد سواء.
سوق الاقتصاد الرقمي الإقليمي
وأكد أن هذه الخطوات ستجعل مصر لاعبًا محوريًا في سوق الاقتصاد الرقمي الإقليمي، وقادرة على تصدير الخبرات والتقنيات إلى أسواق أفريقيا والشرق الأوسط، ما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمارات والشراكات الدولية.
وأضاف رزق، أن الاقتصادات التي ستنجح في استيعاب هذا التحول، وتبني معايير القياس المتطورة، ستكون الأقدر على المنافسة في بيئة اقتصادية عالمية تتسم بسرعة التغير واعتماد متزايد على التكنولوجيا والابتكار.
وألمح إلى أن ذلك لن ينعكس فقط على النمو الاقتصادي، بل سيمتد أثره إلى تعزيز الأمن الاقتصادي، وتقليل الفجوات بين الاقتصادات التقليدية والرقمية، وخلق بيئة أعمال أكثر مرونة وقدرة على الصمود أمام الأزمات العالمية.
واختتم رزق تصريحه بالتأكيد على أن الاقتصاد الرقمي لم يعد نشاطًا هامشيًا أو ترفًا اقتصاديًا، بل أصبح قوة صاعدة يجب إدماجها بعمق في السياسات الاقتصادية الوطنية.
وشدد رزق، على أن الاستثمار في فهم وقياس هذا الاقتصاد هو استثمار في المستقبل، وأن الدول التي ستبادر إلى تبني هذه الرؤية ستكون الأقدر على قيادة مسار التنمية في القرن الحادي والعشرين.
